Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
مُدَوَّنَة الْدُّرَر الْبَهِيَّة

مَثَلُ المُنَافِقِينَ عِنْدَ سَمَاعِ الآيَاتِ الرَّبَّانِيَّة وَ الأَحَادِيث النَّبَوِيَّة

18 Octobre 2013, 16:17pm

Publié par Ghurabae

 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله، و بعد؛
 
 
 
يقول رب العزة { أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ 19 يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَ إِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَ أَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ 20 } - [البقرة]
 
 
قال ابن أبي حاتم في " تفسيره / ج 1 ص 54 - 56 " :
"180 ـ حدثنا أبو سعيد الأشج ثنا أحمد بن بشير، عن هارون بن عنترة عن أبيه، عن ابن عباس: ﴿ أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ ﴾ قال: المطر. 
قال أبو محمد: و كذلك فسره أبو العالية و الحسن و سعيد بن جبير و مجاهد،و عطاء و عطية العوفي، و قتادة و عطاء الخرساني و السدي و الربيع بن أنس.
 
184 ـ أخبرنا أبي الأزهر فيما كتب إلي ثنا وهب بن جرير، ثنا أبي، عن علي بن الحكم، عن الضحاك: ﴿ فِيهِ ظُلُمَاتٌ ﴾ أما الظلمة، فالضلالة.
 
197 ـ حدثنا أبو زرعة ، ثنا عمرو بن حماد ، ثنا أسباط عن السدي، قوله: ﴿ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ ﴾ قال: كان المنافقون إذا حضروا مجلس النبي صلى الله عليه و سلم جعلوا في آذانهم فرقا من كلام النبي صلى الله عليه و سلم أن ينزل فيهم شىء أو يُذكروا بشىء فيقتلوا. "اهـ
 
 
و قال الطبري في " تفسيره " :
" ﴿ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُم مَّشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا ﴾ كلما رأوا في الإيمان ما يُعجبهم في عاجل دنياهم على ما وصفنا، ثبتوا عليه وأقاموا فيه، كما يمشي السائر في ظُلمة الليل وظُلمة الصَّيِّب الذي وصفه جل ثناؤه، إذا برقت فيها بارقةٌ أبصرَ طريقه فيها." وإذا أظلم "، يعني: ذهب ضوءُ البرق عنهم.
ويعني بقوله " عليهم "، على السائرين في الصيِّب الذي وَصف جل ذكره. وذلك للمنافقين مثَل. ومعنى إظلام ذلك: أنّ المنافقين كلما لم يَرَوْا في الإسلام ما يعجبهم في دنياهم ء عند ابتلاء الله مؤمني عباده بالضرَّاء، وتمحيصه إياهم بالشدائد والبلاء، من إخفاقهم في مَغزاهم، وإنالة عدوّهم منهم، أو إدبارٍ من دنياهم عنهم ء أقاموا على نفاقهم، وَثبتوا على ضلالتهم، كما قام السائر في الصيِّب الذي وصف جل ذكره إذا أظلم وَخفتَ ضوء البرق، فحارَ في طريقه، فلم يعرف مَنهجه." اهـ
 
 
يقول ابن القيم في " الوابل الصيب " :
" الصيب: المطر الذي يُصوب من السماء، أي ينزل منها بسرعة و هو مثل القرآن الذي به حياة القلوب كالمطر الذي به حياة الأرض و النبات و الحيوان، فأدرك المؤمنون ذلك منه، و علموا ما يحصل به من الحياة التي لا خطر لها، فلم يمنعهم منها ما فيه من الرعد و البرق و هو الوعيد و التهديد و العقوبات و المثلات التي حذر الله بها من خالف أمره، و أخبر أنه منزلها بمن كذَّب رسول الله صلى الله عليه و سلم، أو ما فيه من الأوامر الشديدة كجهاد الأعداء و الصبر على اللأواء، أو الأوامر الشاقة على النفوس التي هي بخلاف إرادتها فهي كالظلمات و الرعد و البرق، و لكن من علم مواضع الغيت و ما يحصل به من الحياة لم يستوحش لما معه من الظلمة و الرعد و البرق، بل يستأنس لذلك و يفرح به لما يرجو من الحياة و الخصب.
 
و أما المنافق فإنه لعمى قلبه لم يجاوز بصره الظلمة، و لم ير إلا برقا يكاد يخطف البصر، و رعدا عظيما و ظلمة، فاستوحش من ذلك و خاف منه، فوضع أصابعه في أذنيه لئلا يسمع صوت الرعد، و هاله مشاهدة ذلك البرق و شدة لمعانه و عِظَمِ نوره فهو خائف أن يتخطفه معه بصره، لأن بصره أضعف أن يثبت معه، فهو في ظلمة يسمع أصوات الرعد القاصف، و يرى ذلك البرق الخاطف، فإن أضاء له ما بين يديه مشى في ضوئه، و إن فقد الضوء قام متحيرا لا يرى أين يذهب، و لجهله لا يعلم أن ذلك من لوازم الصيب الذي به حياة الأرض و النبات، و حياته هو في نفسه، بل لا يدرك إلا رعدا و برقا و ظلمة، و لا شعور له بما وراء ذلك، فالوحشة لازمة له، و الرعب والفزع لا يفارقه، و أما من أنس بالصيب، و علم ما يحصل به من الخيرات و الحياة و النفع و علم أنه لابد فيه من رعد و برق و ظلمة بسبب الغيم، استأنس بذلك و لم يستوحش منه، و لم يقطعه ذلك عن أخذه بنصيبه من الصيب.
 
فهذا مثل مطابق للصيب الذي نزل به جبريل عليه السلام من عند رب العالمين تبارك و تعالى على قلب رسول الله صلى الله عليه و سلم، ليحيى به القلوب و الوجود أجمع، اقتضت حكمته أن يقارنه من الغيم و الرعد و البرق ما يقارن الصيب من الماء، حكمة بالغة و أسبابا منتظمة نظمها العزيز الحكيم، فكان حظ المنافق من ذلك الصيب سحابهُ و رعوده و بروقه فقط، لم يعلم ما وراءه، فاستوحش بما أنس به المؤمنون، وارتاب بما اطمأن به العالمون، وشك فيما تيقنه المبصرون العارفون." اهـ
 
 
فنعوذ بالله من الخذلان
 
 
 
هذا و صل اللهم على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم

 

Commenter cet article