Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
مُدَوَّنَة الْدُّرَر الْبَهِيَّة

مَثَلُ آكِلِ الرِّبَا

18 Octobre 2013, 17:04pm

Publié par Ghurabae

 
 
بسم الرحمن الرحيم
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد؛
 
 
يقول الله سبحانه و تعالى { الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَ أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَ حَرَّمَ الرِّبَا ـ 275 } - [البقرة]
 
 
يقول الطبري في " تفسيره / ج 5 ص 39 ـ 41 " :
" حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله عز و جل {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ}: يوم القيامة، في أكل الربا في الدنيا.
 
حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ}: و تلك علامة أهل الربا يوم القيامة، بعثوا وبهم خبل من الشيطان.
 
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله {لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ}. قال: هو التخبيل الذي يتخبله الشيطان من الجنون.
 
حدثني موسى، قال: ثنا عمرو بن حماد، قال: ثنا أسباط، عن السدي {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ} يوم القيامة {إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ}. يعني: من الجنون.
 
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ}. قال: هذا مثلهم يوم القيامة، لا يقومون يوم القيامة مع الناس، إلا كما يقوم الذي يُخنقُ مع الناس، يقوم يوم القيامة كأنه خُنِقَ، كأنه مجنون. " اهـ
 
 
 
و " في هذه الآية دليل على فساد إنكار من أنكر الصرع من جهة الجن، وزعم أنه من فعل الطبائع، وأن الشيطان لا يسلك في الإنسان ولا يكون منه مس " - تفسير القرطبي
 
 
يقول السعدي في " تفسيره " :
" يخبر الله تعالى عن أكلة الربا وسوء مآلهم وشدة منقلبهم، أنهم لا يقومون من قبورهم ليوم نشورهم إلا كالذي يصرعه الشيطان بالجنون، فيقومون من قبورهم حيارى سكارى مضطربين، متوقعين لعظيم النكال و عسر الوبال. فكما تقلبت عقولهم و تسويتهم للبيع و الربا، وهذا لا يكون إلا من جاهل عظيمٌ جهله، أو متجاهل عظيم عناده، جازاهم الله من جنس أحوالهم فصارت أحوالهم يوم النشور أحوال المجانين. وقال الله تعالى رادّاً عليهم و مبينا حكمته العظيمة (وَ أَحَلَّ اللهُ البَيْعَ وَ حَرَّمَ الرِبَوا) لما في البيع من عموم المصلحة و شدة الحاجة و حصول الضرر بتحريمه، و ما في الربا من الظلم و سوء العاقبة." اهـ
 
 
 
و هنا فائدة ذكرها شيخ الاسلام ابن تيمية في مسألة الربا
 
قال رحمه الله في " تفسير آيات أشكلت على كثير من العلماء ص 586 ـ 589 " :
" { فمن جاءه موعظة من ربه فانتهي فله ما سلف }. و هذا عام في كل من جاءه موعظة من ربه فقد جعل الله له ما سلف، و يدل على أن ذلك ثابت في حق المسلم ما بعد هذا { ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله و ذروا ما بقي من الربى }. فأمرهم بترك ما بقي، و لم يأمرهم برد ما قبضوه. فدل على أنه لهم مع قوله { فله ما سلف و أمره إلى الله }، و الله يقبل التوبة عن عباده.
 
فإذا قيل: هذا مختص بالكافرين. قيل: ليس في القرآن ما يدل على ذلك، إنما قال { فمن جاءه موعظة من ربه فانتهي فله ما سلف }، و هذا يتناول المسلم بطريق الأولى.
 
و عائشة قد أدخلت فيه المسلم في قصة زيد بن أرقم لما قالت لأم ولده: " بئس ما شريت، و بئس ما اشتريت، أخبري زيدا أنه قد أحبط جهاده مع رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا أن يتوب، فقالت: يا أم المؤمنين، أرأيت إن لم آخذ إلا رأس مالي ؟ فقال عائشة { فمن جاءه موعظة من ربه فانتهي فله ما سلف و أمره إلى الله }.(1)
 
بل قد يقال: إن هذا يتناول من كان يعلم التحريم إذا ما جاءته موعظة من ربه فانتهى،؛ فإن الله يغفر لمن تاب بتوبته، فيكون ما مضى من الفعل وجوده كعدمه، و الآية تتناوله { فله ما سلف و أمره إلى الله }، و يدل على ذلك قوله بعد هذا { ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله و ذروا ما بقي من الربوا إن كنتم مؤمنين } إلى قوله { و إن تبتم فلكم رءوس أموالكم }.
 
و التوبة تتناول المسلم العاصي، كما تتناول الكافر، و لا خلاف أنه لو عامله بربا يحرم بالإجماع لم يقبض منه شيئا، ثم تاب أن له رأس ماله، فالآية تناولته، و قد قال فيها { اتقوا الله و ذروا ما بقي من الربوا }، و لم يأمر برد المقبوض، بل قال قبل ذلك { فمن جاءه موعظة من ربه فانتهي فله ما سلف }.
 
و هذا و إن كان ملعونا على ما أكله و أوكله، فإذا تاب غفر له، ثم المقبوض قد يكون اتجر فيه و تقلب، و قد يكون أكله و لم يبق م،ه شيء، و قد يكون باقيا، فإن كان قد ذهب و جعل دينا عليه كان في ذلك ضرر عظيم، و كان هذا منفرا عن التوبة،و هذا الغريم يكفيه إحسانا إليه إسقاطه ما بقي في ذمته و هو برضاه أعطاه، و كلاهما ملعون. " اهـ
 
 
 
هذا و صل اللهم على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم
 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى في كتاب البيوع، باب الرجل يبيع الشيء إلى أجل، ثم يشتريه بأقل ج5 ص 330. 
 
يقول ابن القيم في كتاب " الصلاة وأحكام تاركها ص 44 ":
" كيف تحبط الأعمال بغير الردة؟
قيل: نعم، قد دل القرآن والسنة والمنقول عن الصحابة أن السيئات تحبط الحسنات، كما أن الحسنات يذهبن السيئات. قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى}. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ }.
وقالت عائشة لأم زيد بن أرقم: أخبري زيدا أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يتوب لما باع بِالعِينَة. وقد نص الإمام أحمد على هذا فقال: " ينبغي للعبد في هذا الزمان أن يستدين ويتزوج لئلا ينظر ما لا يحل فيحبط عمله "، وآيات الموازنة في القرآن تدل على أن السيئة تذهب بحسنة أكبر منها، فالحسنة يحبط أجرها بسيئة أكبر منها. اهـ
Commenter cet article