Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
مُدَوَّنَة الْدُّرَر الْبَهِيَّة

مَثَلُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا

18 Octobre 2013, 16:54pm

Publié par Ghurabae

 
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله، و بعد؛
 
 
قال الله سبحانه كاشفا حقيقة الدنيا { إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَ الْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَ ازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ 24 } [يونس]
 
 
يقول ابن أبي حاتم في " تفسيره / ج 6 ص 1941 - 1942 " :
" 10312 ـ حدثنا أبي ثنا سلمان بن حرب ثنا حماد بن زيد عن عبد الجليل عن شهر بن حوشب أن أبا هريرة قال: ما نزل قطر إلا بميزان." 
 
 
أقول: و يدل على هذا ما خرجه الحاكم في " المستدرك " أخبرني أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، ثنا إبراهيم، أنبأ يزيد بن هارون، أنبأ سليمان التيمي، عن الحسن بن مسلم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: " مَا مِنْ عَامٍ أَمْطَرَ مِنْ عَامٍ، وَلَكِنَّ اللَّهَ يَصْرِفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ، ثُمَّ قَرَأَ: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمُ} [الفرقان:50] الْآيَةُ. "
 
و هذا الأثر إسناده صحيح على رسم البخاري و مسلم.
 
 
" 10315 ـ حدثنا أبو زرعة ثنا عمرو بن حماد ثنا أسباط عن السدى {الأَنْعَامُ} قال: والأنعام: الراعية.
 
10316 ـ حدثنا أبو سعيد الأشج ثنا أحمد بن بشير ثنا شعبة عن الحكم عن مجاهد قال: ما كنت أدري ما الزخرف حتى قرأت قراءة عبد الله " أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ ذهب ".(1)
 
10317 ـ حدثنا أبي ثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ثنا محمد بن ثور عن معمر عن قتادة {وَ ازَّيَّنَتْ} قال: أنبتت وحسنت.(2)
 
10318 ـ حدثنا أبي ثنا هشام بن خالد ثنا شعيب بن إسحاق ثنا ابن أبي عروبة عن قتادة {وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أتََاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا} اي والله لمن تشبث بالدنيا وحدب عليها لتوشك الدنيا أن تلفظه وأن نقصا منه(3) وتفارقه. أَعَجِبْتُمَا تكون إليه.
 
10319 ـ حدثنا أبي ثنا محمد بن عبد الأعلى ثنا محمد بن ثور عن معمر عن قتادة {كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ} قال: كأن لم تنعم بالأمس.
 
10325 ـ حدثنا الحسن بن أبي الربيع أنبأ عبد الرزاق عن الثوري قال: قال مجاهد {يَتَفَكَّرُون}: يطيعون " اهـ
 
 
 
يقول الطبري في " تفسيره / ج 12 ص 150 - 152 " :
" يقول تعالى ذكره: إنما مثل ما تباهون في الدنيا وتفاخرون به من زينتها وأموالها ، مع ما قد وُكِّلَ بذلك من التكدير والتنغيص وزواله بالفناء والموت، ، كمثل ماءٍ أنزلناه من السماء، يقول: كمطر أرسلناه من السماء إلى الأرض، (فاختلط به نبات الأرض) ، يقول: فنبت بذلك المطر أنواعٌ من النبات، مختلطٌ بعضها ببعض، كما:
 
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس قوله: {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ}، قال: اختلط فنبت بالماء كل لون(4) مما يأكل الناس، كالحنطة والشعير وسائر حبوب الأرض والبقول والثمار، وما يأكله الأنعام والبهائم من الحشيش والمراعي.
 
حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: {حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا}، الآية: أي والله، لئن تشبَّثَ بالدنيا وحَدِب عليها، لتوشك الدنيا أن تلفظه وتقضي منه.
 
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: {كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْس ) ، يقول: كأن لم تعشْ، كأن لم تَنْعَم." اهـ
 
 
 
يقول ابن القيم كما في " التفسير القيم لابن القيم ص 305 " :
" شبه سبحانه الحياة الدنيا في أنها تزين في عين الناظر، فتروقه بزينتها، و تعجبه، فيميل إليها، و يهواها، اغترارا منه بها. حتى إذا ظن أنه مالك لها قادر عليها سُلبها بغتة أحوج ما كان إليها و حيل بينه و بينها. فشبهها بالأرض التي ينزل الغيث عليها، فتعشبُ و يحسن نباتها، و يروق منظرها للناظر، فيغتر بها، و يظن أنه قادر عليها، مالك لها. فيأتيها أمر الله فتدرك نباتها الآفة بغتة، فتصبح كأن لم تكن قَبْلُ شيئا، فيخيب ظنه، و تصبح يداه منها صفرا.
 
فهكذا حال الدنيا و الواثق بها سواء. و هذا من أبلغ التشبيه و القياس.
 
و لما كانت الدنيا عرضة لهذه الآفات و جنة الآخرة سليمة منها، قال {وَ اللهُ يَدْعُوا إِلَى دَارِ السَّلاَمِ} [يونس 25] فسماها ههنا دار السلام، لسلامتها من هذه الآفات التي ذكرها في الدنيا. فعم بالدعوة إليها، و خص بالهداية لهـا من يشاء. فذاك عدله و هذا فضله " اهـ
 
 
 
فاللهم نسألك من فضلك الذي لا يرد { وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ } [يونس]
 
 
هذا و صل اللهم على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم
 
 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ يعني بذلك قوله تعالى {وَقَالُوا لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنبُوعًا (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (91) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (92) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلَّا بَشَرًا رَّسُولًا (93)}. [الإسراء].
 
2 ـ أخرجه أيضا الطبري في (تفسيره : ج 12 ص 152) / حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: {وَ ازَّيَّنَتْ}، قال: أنبتت وحسُنَت.
 
3 ـ لعل الصحيح : " و أن تقضي منه "، كما عند الطبري في (تفسيره). و الله أعلم
 
4 ـ أخرجه البخاري في صحيحه (كتاب التفسير/ سورة يونس) باب وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ‏{‏فَاخْتَلَطَ‏}‏ فَنَبَتَ بِالْمَاءِ مِنْ كُلِّ لَوْنٍ.
Commenter cet article