Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
مُدَوَّنَة الْدُّرَر الْبَهِيَّة

مَثَلُ المُشْرِكِ بِالله

18 Octobre 2013, 16:33pm

Publié par Ghurabae

 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله، و بعد؛
 
 
فإن أول ما نهى الله عنه هو الشرك و اتخاذ الند معه، و عدل غيره به سبحانه، كما أن أول ما أمر الله به هو توحيده و إفراده بالعبادة محبة و تعظيما دون ما سواه. فقال جل و علا{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ 21 الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ 22 } - [البقرة]
 
 
فانظر و اعجب إلى من يُزهد في الأمر بالأمر الأول، و النهي عن النهي الأول، لتعرف التوفيق من الخذلان. 
 
فالتوحيد يدخل الجنة على ما كان من العمل، و الشرك يدخل النار على ما كان من العمل.
 
(احفظ هذه و لا تتكل عليها عسى أن تنفعك ) !
 
 
يقول الطبري رحمه الله في " تفسيره " :
" والأنداد جمع نِدّ، والنِّدّ: العِدْلُ والمِثل، كما قال حسان بن ثابت:
أَتَهْجُـــوهُ وَلَسْــتَ لَــهُ بِنِــدٍّ؟
فَشَـــرُّكُمَا لِخَيْرِكُمَـــا الْفِــدَاءُ
يعني بقوله: " ولستَ له بند "، لست له بمثْلٍ ولا عِدْلٍ. وكل شيء كان نظيرًا لشيء وله شبيهًا فهو له ند.
 
كما حدثنا بشر بن مُعاذ، قال: حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة: " فلا تجعلوا لله أندادًا "، أي عُدَلاء.
 
حدثني المثنى، قال: حدثني أبو حُذيفة، قال: حدثنا شِبل، عن ابن أبي نَحيح، عن مجاهد: " فلا تجعلوا لله أندادًا "، أي عُدَلاء.
 
حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قول الله: " فلا تَجعلوا لله أندادًا "، قال: الأنداد: الآلهة التي جعلوها معه، وجعلوا لها مثل ما جعلوا له. "اهـ
 
 
 
 
و هذا مثل ضربه الله مبينا فيه قبح الشرك و ضلال أهله، فقال تعالى ذكره { لَهُ دَعْوَةُ الحَقِّ وَ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَ مَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَ مَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ 14 } - [الرعد]
 
 
يقول الطبري في " تفسيره / ج 13 ص 485 - 491 " :
"حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: " لَهُ دَعْوَةُ الحَقِّ " قال: لا إله إلا الله.
 
حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: ثني حجاج، عن ابن جريج قال: قال ابن عباس، في قوله: " لَهُ دَعْوَةُ الحَقِّ " قال: لا إله إلا الله.
 
حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله: " لَهُ دَعْوَةُ الحَقِّ ": لا إله إلا الله ليست تنبغي لأحد غيره، لا ينبغي أن يقال: فلان إله بني فلان.
 
حدثنا الحسن بن محمد قال: ثنا شبابة قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: " كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ " يدعو الماء بلسانه ويشير إليه بيده، ولا يأتيه أبدًا.(1)
 
قال [الحسن بن محمد]: ثنا حجاج، عن ابن جريج قال: أخبرني الأعرج، عن مجاهد: " لِيَبْلُغَ فَاهُ " يدعوه ليأتيه وما هو بآتيه، كذلك لا يستجيب من هو دونه.
 
حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { وَ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَ مَا هُوَ بِبَالِغِهِ } وليس ببالغه حتى يتمزَّع عنقه ويهلك عطشًا قال الله تعالى: { وَمَا دُعَاءُ الكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ } هذا مثل ضربه الله؛ أي هذا الذي يدعو من دون الله هذا الوثنَ وهذا الحجر لا يستجيب له بشيء أبدًا ولا يسُوق إليه خيرًا ولا يدفع عنه سوءًا حتى يأتيه الموت، كمثل هذا الذي بسط ذارعيه إلى الماء ليبلغ فاه ولا يبلغ فاه ولا يصل إليه ذلك حتى يموت عطشًا.
 
حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله: { وَ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَ مَا هُوَ بِبَالِغِهِ } قال: لا ينفعونهم بشيء إلا كما ينفع هذا بكفيه، يعني بَسْطَهما إلى ما لا ينالُ أبدًا.
 
حدثنا به محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: { إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ } وليس الماء ببالغ فاه ما قام باسطًا كفيه لا يقبضهما { وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ }. قال: هذا مثلٌ ضربه الله لمن اتخذ من دون الله إلهًا أنه غير نافعه، ولا يدفع عنه سوءًا حتى يموت على ذلك.
 
وقوله: (وما دعاء الكافرين إلا في ضلال) يقول: وما دعاء من كفر بالله ما يدعو من الأوثان والآلهة (إلا في ضلال)، يقول: إلا في غير استقامة ولا هدًى، لأنه يشرك بالله . " اهـ
 
 
يقول السعدي في " تفسيره " :
" ضرب الله تعالى هذا المثل ليبين ضلال الكافرين في دعائهم غير الله من الأوثان و الأنداد التي جعلوها شركاء لله، لا يستجيبون لهم و لا ينفعونهم في أشد الأوقات إليهم حاجة، لأنهم فقراء لا يملكون مثقال ذرَّة في الأرض و لا في السماء. فبطلت عبادتهم و دعاؤهم، لأن الوسيلة تَبطل ببطلان غايتها. و لما كان الله تعالى هو المَلِكُ الحق المبين، كانت عبادته حقًّا متصلة النفع لصاحبها في الدنيا و الآخرة.
فكذلك الباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه و ما هو ببالغه، فإنه عطشان و من شدة عطشه يتناول بيده، و يبسطها إلى الماء الممتنع وصولها إليه، فلا يصل إليه.
و تشبيه دعاء الكافرين لغير الله بالذي يبسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه من أحسن الأمثلة؛ فإن ذلك تشبيه بأمر محال، فكما أن هذا محال، فالمشبه به محال، و التعليق على المحال من أبلغ ما يكون في نفي الشيء كما قال تعالى: ﴿ إن الذين كذبوا بآياتنا و استكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء و لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط ﴾ – سورة الأعراف. "اهـ
 
 
فاللهم سلم سلم
 
 
هذا و صل اللهم على نبينا محمد و على آله و صحبه وسلم
 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ أخرجه الطبري أيضا بإسناد آخر ـ حدثني محمد بن عمرو قال: ثنا أبو عاصم قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: {كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ} يدعو الماء بلسانه ويشير إليه بيده، فلا يأتيه أبدًا.
Commenter cet article