Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
مُدَوَّنَة الْدُّرَر الْبَهِيَّة

12 تفسيرأسماء الله الحسنى

4 Juin 2011, 12:00pm

Publié par Ghurabae

* الضار, * النافـــع :

لم أقف على دليل صحيح يدل على اسمية هذين الاسمين لله تعالى، والله أعلم.

قال رحمه الله تعالى: "من أسمائه الحسنى ما يؤتي به مفرداً ويؤتى به مقروناً مع غيره وهو أكثر الأسماء الحسنى، فيدل ذلك على أن لله كمالاً من إفراد كل من الاسمين فأكثر وكمال من اجتماعهما أو اجتماعها.
ومن أسمائه مالا يؤتى به إلا مع مقابلة الاسم الآخر لأن الكمال الحقيقي تمامه وكماله من اجتماعهما، وذلك مثل هذه الأسماء وهي متعلقة بأفعاله الصادرة عن إرادته النافذة وقدرته الكاملة وحكمته الشاملة فهو تعالى النافع لمن شاء من عباده بالمنافع الدينية والدنيوية، الضار لمن فعل الأسباب التي توجب ذلك، وكل هذا تبع لحكمته وسننه الكونية وللأسباب التي جعلها موصلة إلى مسبباتها، فإن الله تعالى جعل مقاصد للخلق وأموراً محبوبة في الدين، والدنيا، وجعل لها أسباباً، وطرقاً، وأمر بسلوكها ويسرها لعباده غاية التيسير، فمن سلكها أوصلته إلى المقصود النافع،ومن تركها أو ترك بعضها أو فوت كمالها أو أتاها على وجه ناقص ففاته الكمال المطلوب فلا يلومن إلا نفسه وليس له حجة على الله، فإن الله أعطاه السمع، والبصر، والفؤاد، والقوة، والقدرة، وهذه النجدين وبين له الأسباب، والمسببات ولم يمنعه طريقاً يوصل إلى خير ديني، ولا دنيوي، فتخلفه عن هذه الأمور يوجب أن يكون هو الملوم عليها المذموم على تركها.


*العزيز: (العزيز, * القوي, * المتين, * القدير):

قال الله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ} (هود: 66). و قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} (الذاريات: 58). و قال الله تعالى: {وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (الممتحنة: 7).

قال رحمه الله تعالى: "هذه الأسماء العظيمة معانيها متقاربة فهو تعالى كامل القوة عظيم القدرة شامل العزة {إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً}يونس (65).
العزيز الذي له العزة كلها عزة القوة، وعزة الغلبة وعزة الامتناع، فممتنع أن يناله أحد من المخلوقات وقهر جميع الموجودات، ودانت له الخليقة وخضعت لعظمته.
فمعاني العزة الثلاث كلها كاملة لله العظيم عزة القوة الدال عليها من أسمائه القوي المتين، وهي وصفه العظيم الذي لا تنسب إليه قوة المخلوقات وإن عظمت، وعزة الامتناع فإنه هو الغني بذاته فلا يحتاج إلى أحد، ولا يبلغ العباد ضرة فيضرونه، ولا نفعه فينفعونه بل هو الضار النافع المعطي المانع، وعزة القهر والغلبة لكل الكائنات فهي كلها مقصورة لله خاضعة لعظمته منقادة لإرادته، فجميع نواصي المخلوقات بيده، لا يتحرك منها متحرك ولا يتصرف متصرف إلا بحوله وقوته وإذنه، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، ولا حول ولا قوة إلا به، فمن قوته واقتداره أنه خلق السماوات، والأرض، وما بينهما في ستة أيام، وأنه خلق الخلق ثم يميتهمثم يحييهم ثم إليه يرجعون {مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إلا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ} لقمان (28). {وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْه}الـروم (27). ومن آثار قدرته أنك ترى الأرض هامدة، فإذا أنزل عليها الماء اعتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج، ومن آثار قدرته ما أوقعه بالأمم المكذبين، والكفار الظالمين من أنواع العقوبات وحلول المثلات، وأنه لم يغن عنهم كيدهم، ومكرهم، ولا أموالهم، ولا جنودهم، ولا حصونهم من عذاب الله من شيء لما جاء أمر ربك، وما زادوهم غير تتبيب، وخصوصاً في هذه الأوقات فإن هذه القوة الهائلة، والمخترعات الباهرة التي وصلت إليها مقدرة هذه الأمم هي من أقدار الله لهم وتعليمه لهم، ما لم يكونوا يعلمونه، فمن آيات الله أن قواهم، وقدرهم ومخترعاتهم لم تغن عنهم شيئاً في صد ما أصابهم من النكبات، والعقوبات المهلكة مع بذل جدهم واجتهادهم في توقي ذلك، ولكن أمر الله غالب، وقدرته تنقاد لها عناصر العالم العلوي، والسفلي.
ومن تمام عزته وقدرته وشمولهما أنه كما أنه هو الخالق للعباد فهو خالق أعمالهم وطاعتهم ومعاصيهم، وهي أيضاً أفعالهم، فهي تضاف إلى الله خلقاً وتقديراً وتضاف إليهم فعلاً ومباشرة على الحقيقة ولا منافاة بين الأمرين، فإن الله خالق قدرتهم وإرادتهم، وخالق السبب التام خالق للمسبب قال تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ}الصافات (96).
ومن آثار قدرته ما ذكره في كتابه من نصرة أولياءه على قلة عددهم وعُددهم على أعدائهم الذين فاقوهم بكثرة العدد، والعُدة، قال تعالى: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ}البقرة (249).
ومن آثار قدرته ورحمته ما يحدثه لأهل النار، وأهل الجنة من أنواع العقاب، وأصناف النعيم المستمر الكثير المتتابع الذي لا ينقطع، ولا يتناهى.


* العظيم: (العظيم ,* الكبير):

ودليل هذا الاسم قال الله تعالى: {وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (البقرة: 255). ودليل هذا الاسم قال الله تعالى: {ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ} (غافر: 12).

قال رحمه الله: "العظيم الجامع فجميع صفات العظمة والكبرياء والمجد والبهاء الذي تحبه القلوب، وتعظمه الأرواح، ويعرف العارفون أن عظمة كل شيء، وإن جلت في الصفة، فإنها مضمحلة في جانب عظمة العلي العظيم.
والله تعالى عظيم له كل وصف ومعنى يوجب التعظيم فلا يقدر مخلق أن يثني عليه كما ينبغي له ولا يحصى ثناء عليه، بل هو كما أثنى على نفسه وفوق ما يتثنى عليه عباده.
واعلم أن معاني التعظيم الثابتة لله وحده نوعان:
أحدهما: أنه موصوف بكل صفة كمال، وله من ذلك الكمال أكمله، وأعظمه وأوسعه، فله العلم المحيط، والقدرة النافذة، والكبرياء، والعظمة، ومن عظمته أن السماوات والأرض في كف الرحمن أصغر من الخردلة كما قال ذلك ابن عباس1 وغيره2 وقال تعالى {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ}الزمر (67).
وقال: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ}فاطر (41).
وقال تعالى وهو العلي العظيم: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ}الشورى (50).
وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم: "إن الله يقول الكبرياء ردائي والعظمة إزاري، فمن نازعني واحداً منهما عذبته"6 فلله تعالى الكبرياء والعظمة، والوصفان اللذان لا يقدر قدرهما ولا يبلغ كنههما.
النوع الثاني: من معاني عظمته تعالى أنه لا يستحق أحد من الخلق أن يعظم كما يعظم الله فيستحق جل جلاله من عباده أن يعظموه بقلوبهم، وألسنتهم، وجوارحهم وذلك ببذل الجهد في معرفته، ومحبته، والذل له، والإنكسار له، والخضوع لكبريائه، والخوف منه وإعمال اللسان بالثناء عليه، وقيام الجوارح بشكره وعبوديته، ومن تعظيمه أن يتقى حق تقاته فيطاع فلا يعصى، ويذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر، ومن تعظيمه تعظيم ما حرمه وشرعه من زمان ومكان وأعمال {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}الحج (32) و{ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ}الحج (30) ومن تعظيمه أن لايعترض على شيء مما خلقه أو شرعه.
___________________
1أخرجه أبو الشيخ في العظمة (2/445) وأورده السيوطي في الدر (7/248) وعزاه إلى عبد ابن حميد وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
2 روى ذلك عن أبي ذر رضي الله عنه. انظر: كتاب العظمة (2/635 و636).


* العفو: (العفو, الغفور, ‎* الغفار):

قال الله تعالى: {إن الله لعفو غفور} (الحج: 60). سبق زيادة بيان لمعنى هذا الاسم مع اسمه تعالى "الحليم".

قال رحمه الله تعالى: "العفو الغفور الغفار: الذي لم يزل، ولا يزال بالعفو معروفاً، وبالغفران، والصفح عن عباده موصوفاً.
كل أحد مضطر إلى عفوه، ومغفرته كما هو مضطر إلى رحمته، وكرمه وقد وعد بالمغفرة، والعفو لمن أتى بأسبابها قال تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى} طه (82).

* الغفار: (الغفور):

قال رحمه الله تعالى: "الغفور الذي لم يزل يغفر الذنوب ويتوب عل كل من يتوب ففي الحديث: "إن الله يقول يابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة"1.
وقال تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ}النجم (32).
وقد فتح الله الأسباب لنيل مغفرته بالتوبة، والاستغفار، والإيمان، والعمل الصالح، والإحسان إلى عباد الله، والعفو عنهم، وقوة الطمع في فضل الله، وحسن الظن بالله، وغير ذلك مما جعله الله مقرباً لمغفرته.
‎______________________________
1أخرجه الإمام أحمد في المسند (5/147) بنحوه، والترمذي في سننه (5/548) كتاب الدعوات باب في فضل التوبة والاستغفار، وابن ماجه (2/1255) كتاب الآداب باب فضل العمل، والدارمي (2/230) كتاب الرقاق باب إذا تقرب العبد إلى الله عن أنس، وقال الترمذي هذا حديث غريب لانعرفه إلا من هذا الوجه، وصححه الشيخ الألباني بمجموع طرقه. انظر: السلسلة الصحيحة (1/200).


Commenter cet article