Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
مُدَوَّنَة الْدُّرَر الْبَهِيَّة

هل يكفي قول اللسان دون عمل الجوارح في الايمان ؟

26 Mai 2011, 12:06pm

Publié par Ghurabae

بسم الله الرحمن الرحيم
هل يكفي قول اللسان دون عمل الجوارح في الايمان ؟

الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده أما بعد 

فقد انتشرت في هذا الزمان بدعة لم ينطق بها السلف الكرام في الاعتقاد نشأ عليه الصغير وهرم عليه الكبير واتخذها كثير من الناس عقيدة وسنة وهو قولهم "يكفي تصديق القلب ونطق اللسان في إثبات الايمان والحكم به على الأعيان من أهل الاسلام" وهذا يناقض مانطق به السلف من أن الإيمان ليس قولا فحسب وتصديق بل هو قول وعمل ونية يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية , فقولهم قول وعمل دل على أن النطق بالشهادتين لايكفي إذا توفر مقتضى العمل من العلم والزمن فلابد أن يظهر على المكلف من أفراد الأعمال مايحكم به بصحة اعتقاد الجنان , من صلاة وصدقة ونحو ذلك لأنه قول وعمل وليس قول وتصديق فحسب كما تقوله المرجئة ويدل على أن مفردات الأعمال في الايمان ركن في وليس مفرداته كلها بل ولو ظهر جنسها شرط في الايمان إجزائي لا كمالي 

اتفاق السلف على أن الايمان قول وعمل وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لاإله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق فجعل الايمان قول وعمل وليس قولا وتصديق فحسب وسئل ابن عيينة لو أن رجلا يقول أنا أقول لاإله إلا الله ولكن لاأصوم ولاأصلي ولاكذا وكذا وأنا مؤمن قال هذا قول المرجئة .

 وأما حديث لم يعملوا خيرا قط فيمن يخرج من النار فمن المتشابه والمحكم ماأسلفنا من اتفاق السلف والحديث فيحمل على من لم يتمكن من العمل أو كان جاهلا أو على المبالغة مثل ماقيل في التائب القاتل مائة نفس لم يعمل خيرا قط وكان قد عمل من السعي لسؤال العالم والمشي إلى أرض التوبة والله أعلم وفرق بين المتأول من أهل السنة والتوحيد في الخطأ والمبتدع المنظر للبدعة بالرأي لابالحديث 
فالثاني يعنف عليه والأول يعتذر له كما يعتذر للإمام أحمد في رواية أنه قال بالجواز في التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم أسألك اللهم بنبيك على حديث الأعمى مع أن الصواب تقدير حذف دعاء نبيك 
ولك الامام أحمد تأول وهو ناصر للسنة إمام بها فيخطأ القول ولايبدع العالم السني

ومن فروع هذا القول القول بأن سب الله لابد فيه من الاستحلال, قال بن تيمية كما نقل البعض عندنا
وهذا أيضا تثبيت منه بأن السب يكفر به لأجل استحلاله له إذا لم يكن في نفسه تكذيبا صريحا. وهذا موضع لا بد من تحريره ويجب أن يعلم أن القول بأن كفر الساب في نفس الأمر إنما هو لاستحلاله السب زلة منكرة وهفوة عظيمة ويرحم الله القاضي أبا يعلي قد ذكر في غير موضع ما يناقض ما قاله هنا وإنما وقع من وقع في هذه المهواة ما تلقوه من كلام طائفة من متأخري المتكلمين وهم الجهمية الإناث الذين ذهبوا مذهب الجهمية الأولى في أن الإيمان هو مجرد التصديق الذي في القلب وإن لم يقترن به قول اللسان ولم يقتض عملا في القلب ولا في الجوارح وصرح القاضي أبو يعلى بذلك هنا قال عقب أن ذكر ما حكيناه عنه: وعلى هذا لو قال الكافر: "أنا معتقد بقلبي معرفة الله وتوحيده لكني لا آتي بالشهادتين كما لا آتي غيرها من العبادات كسلا" لم يحكم بإسلامه في الظاهر ويحكم به باطنا قال: وقول الإمام أحمد: "من قال إن المعرفة تنفع في القلب من غير أن يتلفظ بها فهو جهمي" محمول على أحد وجهين أحدهما: أنه جهمي في ظاهر الحكم والثاني: على أنه يمتنع من الشهادتين عنادا لأنه احتج أحمد في ذلك بأن إبليس عرف ربه بقلبه ولم يكن مؤمنا ومعلوم أن إبليس اعتقد أنه لا يلزم امتثال أمره تعالى بالسجود لآدم وقد ذكر القاضي في غير موضع أنه لا يكون مؤمنا حتى يصدق بلسانه مع القدرة وبقلبه وأن الإيمان قول وعمل كما هو مذهب الأئمة كلهم: مالك وسفيان والأوزاعي والليث والشافعي وأحمد وإسحاق ومن قبلهم وبعدهم من أعيان الأمة.وليس الغرض هنا استيفاء الكلام في هذا الأصل وإنما الغرض البينة على ما يختص هذه المسألة وذلك من وجوه. 

أحدها: أن الحكاية المذكورة عن الفقهاء أنه إن كان مستحلا كفر وإلا فلا, ليس لها أصل وإنما نقلها القاضي من كتاب بعض المتكلمين الذين نقلوها عن الفقهاء وهؤلاء نقلوا قول الفقهاء بما ظنوه جاريا في أصولهم أو بما قد سمعوه من بعض المنتسبين إلى الفقه ممن لا يعد قوله قولا وقد حكينا نصوص أئمة الفقهاء وحكاية إجماعهم ممن هو أعلم الناس بمذاهبهم فلا يظن ظان أن في المسألة خلافا يجعل المسألة من مسائل الخلاف والاجتهاد وإنما ذلك غلط لا يستطيع أحد أن يحكي عن واحد من الفقهاء أئمة الفتوى هذا التفصيل البتة. 

الوجه الثاني: أن الكفر إذا كان هو الاستحلال فإنما معناه اعتقاد أن السب حلال فإنه لما اعتقد أن ما حرمه الله تعالى حلال كفر ولا ريب أن من اعتقد في المحرمات المعلوم تحريمها أنها حلال كفر لكن لا فرق في ذلك بين سب النبي وبين قذف المؤمنين والكذب عليهم والغيبة لهم إلى غير ذلك من الأقوال التي علم أن الله حرمها فإنه من فعل شيئا من ذلك مستحلا كفر مع أنه لا يجوز أن يقال: من قذف مسلما أو اغتابه كفر ويعنى بذلك إذا استحله. 

الوجه الثالث: أن اعتقاد حل السب كفر سواء اقترن به وجود السب أو لم يقترن فإذا لا أثر للسب في التكفير وجودا وعدما وإنما المؤثر هو الاعتقاد وهو خلاف ما أجمع عليه العلماء. 

الوجه الرابع: أنه إذا كان المكفر هو اعتقاد الحل فليس في السب ما يدل على أن الساب مستحل فيجب أن لا يكفر لا سيما إذا قال: "أنا اعتقد أن هذا حرام وإنما أقول غيظا وسفها أو عبثا أو لعبا" كما قال المنافقون: {إِنَّمَاكُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَب} كما إذا قال: إنما قذفت هذا أو كذبت عليه لعبا وعبثا فإن قيل لا يكونون كفارا فهو خلاف نص القرآن وإن قيل يكونون كفارا فهو تكفير بغير موجب إذا لم يجعل نفس السب مكفرا وقول القائل أنا لا أصدقه في هذا لا يستقيم فإن التكفير لا يكون بأمر محتمل فإذا كان قد قال: "أنا أعتقد أن ذلك ذنب ومعصية وأنا أفعله" فكيف يكفر إن لم يكن ذلك كفرا؟ ولهذا قال سبحانه وتعالى: {لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} ولم يقل قد كذبتم في قولكم إنما كنا نخوض ونلعب فلم يكذبهم في هذا العذر كما كذبهم في سائر ما أظهروه من العذر الذي يوجب براءتهم من الكفر كما لو كانوا صادقين بل بين أنهم كفروا بعد إيمانهم بهذا الخوض واللعب.

وإذا تبين أن مذهب سلف الأمة ومن اتبعهم من الخلف أن هذه المقالة في نفسها كفر استحلها صاحبها أو لم يستحلها فالدليل على ذلك جميع ما قدمناه في المسألة الأولى من الدليل على كفر الساب مثل قوله تعالى: {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ} وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} وقوله تعالى: {لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} وما ذكرناه من الأحاديث والآثار فإنها أدلة بينة في أن نفس أذى الله ورسوله كفر مع قطع النظر عن اعتقاد التحريم وجودا وعدما فلا حاجة إلى أن نعيد الكلام هنا بل في الحقيقة كل ما دل على أن الساب كافر وأنه حلال الدم لكفره فقد دل على هذه المسألة إذ لو كان الكفر المبيح هو اعتقاد أن السب حلال لم يجز تكفيره وقتله حتى يظهر هذا الاعتقاد ظهورا تثبت بمثله الاعتقادات المبيحة للدماء

ــــــــــــــــــ
ماهر بن ظافر القحطاني
المشرف العام على مجلة معرفة السنن والآثار
Commenter cet article