Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
مُدَوَّنَة الْدُّرَر الْبَهِيَّة

صَرَعٌ الْأَرْوَاحِ الْخَبِيثَةِ، وَ فَضْلُ ذِكْرِ اللهِ

10 Mai 2014, 09:09am

Publié par Ghurabae

 
 
 
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد،
 
 
يقول ابن القيم في " زاد المعاد " [ ص 62 - 64 ] و هو يتكلم عن صرع الأرواح الخبيثة: 
 
وَعِلَاجُ هَذَا النَّوْعِ يَكُونُ بِأَمْرَيْنِ أَمْرٍ مِنْ جِهَةِ الْمَصْرُوعِ ، وَأَمْرٍ مِنْ جِهَةِ الْمُعَالِجِ ،
 
فَاَلَّذِي مِنْ جِهَةِ الْمَصْرُوعِ يَكُونُ بِقُوَّةِ نَفْسِهِ وَصِدْقِ تَوَجُّهِهِ إِلَىفَاطِرِ هَذِهِ الْأَرْوَاحِ وَبَارِئِهَا ، وَالتَّعَوُّذِ الصَّحِيحِ الَّذِي قَدْ تَوَاطَأَ عَلَيْهِ الْقَلْبُ وَاللِّسَانُ ، فَإِنَّ هَذَا نَوْعُ مُحَارَبَةٍ ، وَالْمُحَارِبُ لَا يَتِمُّ لَهُ الِانْتِصَافُ مِنْ عَدُوِّهِ بِالسِّلَاحِ إِلَّا بِأَمْرَيْنِ : أَنْ يَكُونَ السِّلَاحُ صَحِيحًا فِي نَفْسِهِ جَيِّدًا ، وَأَنْ يَكُونَ السَّاعِدُ قَوِيًّا ، فَمَتَى تَخَلَّفَ أَحَدُهُمَا لَمْ يُغْنِ السِّلَاحُ كَثِيرَ طَائِلٍ ، فَكَيْفَ إِذَا عُدِمَ الْأَمْرَانِ جَمِيعًا: يَكُونُ الْقَلبُ خَرَابًا مِنَ التَّوْحِيدِ ، وَالتَّوَكُّلِ ، وَالتَّقْوَى ، وَالتَّوَجُّهِ ، وَلَا سِلَاحَ لَهُ. 

وَالثَّانِي : مِنْ جِهَةِ الْمُعَالِجِ بِأَنْ يَكُونَ فِيهِ هَذَانِ الْأَمْرَانِ أَيْضًا حَتَّى إِنَّ مِنَ الْمُعَالِجِينَ مَنْ يَكْتَفِي بِقَوْلِهِ : " اخْرُجْ مِنْهُ " . أَوْ بِقَوْلِ : " بِسْمِ اللَّهِ " ، أَوْ بِقَوْلِ : " لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاَللَّهِ " . وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ : ( اخْرُجْ عَدُوَّ اللَّهِ أَنَا رَسُولُ اللَّهِ ) . 

وَشَاهَدْتُ شَيْخَنَا يُرْسِلُ إِلَى الْمَصْرُوعِ مَنْ يُخَاطِبُ الرُّوحَ الَّتِي فِيهِ ، وَيَقُولُ : قَالَ لَكِ الشَّيْخُ : اخْرُجِي ، فَإِنَّ هَذَا لَا يَحِلُّ لَكِ ، فَيُفِيقُ الْمَصْرُوعُ ، وَرُبَّمَا خَاطَبَهَا بِنَفْسِهِ ، وَرُبَّمَا كَانَتِ الرُّوحُ مَارِدَةً فَيُخْرِجُهَا بِالضَّرْبِ فَيُفِيقُ الْمَصْرُوعُ وَلَا يَحُسُّ بِأَلَمٍ ، وَقَدْ شَاهَدْنَا نَحْنُ وَغَيْرُنَا مِنْهُ ذَلِكَ مِرَارًا . 

وَكَانَ كَثِيرًا مَا يَقْرَأُ فِي أُذُنِ الْمَصْرُوعِ : ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ) [ الْمُؤْمِنُونَ : 115]. 

وَحَدَّثَنِي أَنَّهُ قَرَأَهَا مَرَّةً فِي أُذُنِ الْمَصْرُوعِ ، فَقَالَتِ الرُّوحُ : نَعَمْ ، وَمَدَّ بِهَا صَوْتَهُ . قَالَ : فَأَخَذْتُ لَهُ عَصًا وَضَرَبْتُهُ بِهَا فِي عُرُوقِ عُنُقِهِ حَتَّى كَلَّتْ يَدَايَ مِنَ الضَّرْبِ ، وَلَمْ يَشُكَّ الْحَاضِرُونَ أَنَّهُ يَمُوتُ لِذَلِكَ الضَّرْبِ . فَفِي أَثْنَاءِ الضَّرْبِ قالَتْ : أَنَا أُحِبُّهُ ، فَقُلْتُ لَهَا : هُوَ لَا يُحِبُّكِ ، قَالَتْ : أَنَا أُرِيدُ أَنْ أَحُجَّ بِهِ فَقُلْتُ لَهَا : هُوَ لَا يُرِيدُ أَنْ يَحُجَّ مَعَكِ ، فَقَالَتْ : أَنَا أَدَعُهُ كَرَامَةً لَكَ ، قَالَ : قُلْتُ : لَا وَلَكِنْ طَاعَةً لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ ، قَالَتْ : فَأَنَا أَخْرُجُ مِنْهُ ، قَالَ : فَقَعَدَ الْمَصْرُوعُ يَلْتَفِتُ يَمِينًا وَشِمَالًا ، وَقَالَ : مَا جَاءَ بِي إِلَى حَضْرَةِ الشَّيْخِ؟ قَالُوا لَهُ : وَهَذَا الضَّرْبُ كُلُّهُ ؟ فَقَالَ وَعَلَى أَيِّ شَيْءٍ يَضْرِبُنِي الشَّيْخُ وَلَمْ أُذْنِبْ ، وَلَمْ يَشْعُرْ بِأَنَّهُ وَقَعَ بِهِ ضَرْبٌ الْبَتَّةَ . 

وَكَانَ يُعَالِجُ بِآيَةِ الْكُرْسِيِّ ، وَكَانَ يَأْمُرُ بِكَثْرَةِ قِرَاءَتِهَا الْمَصْرُوعَ وَمَنْ يُعَالِجُهُ بِهَا وَبِقِرَاءَةِ الْمُعَوِّذَتَيْنِ . 

وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا النَّوْعُ مِنَ الصَّرَعِ وَعِلَاجِهِ لَا يُنْكِرُهُ إِلَّا قَلِيلُ الْحَظِّ مِنَ الْعِلْمِ وَالْعَقْلِ وَالْمَعْرِفَةِ ، وَأَكْثَرُ تَسَلُّطِ الْأَرْوَاحِ الْخَبِيثَةِ عَلَى أَهْلِهِ تَكُونُ مِنْ جِهَةِ قِلَّةِ دِينِهِمْ ، وَخَرَابِ قُلُوبِهِمْ وَأَلْسِنَتِهِمْ مِنْ حَقَائِقِ الذِّكْرِ ، وَالتَّعَاوِيذِ ، وَالتَّحَصُّنَاتِ النَّبَوِيَّةِ وَالْإِيمَانِيَّة فَتَلْقَى الرُّوحُ الْخَبِيثَةُ الرَّجُلَ أَعْزَلَ لَا سِلَاحَ مَعَهُ ، وَرُبَّمَا كَانَ عُرْيَانًا فَيُؤَثِّرُ فِيهِ هَذَا  

وَلَوْ كُشِفَ الْغِطَاءُ لَرَأَيْتَ أَكْثَرَ النُّفُوسِ الْبَشَرِيَّةِ صَرْعَى هَذِهِ الْأَرْوَاحِ الْخَبِيثَةِ ، وَهِيَ فِي أَسْرِهَا وَقَبْضَتِهَا تَسُوقُهَا حَيْثُ شَاءَتْ ، وَلَا يُمْكِنُهَا الِامْتِنَاعُ عَنْهَا وَلَا مُخَالَفَتُهَا ، وَبِهَا الصَّرَعُ الْأَعْظَمُ الَّذِي لَا يُفِيقُ صَاحِبُهُ إِلَّا عِنْدَ الْمُفارَقَةِ وَالْمُعَايَنَةِ ، فَهُنَاكَ يَتَحَقَّقُ أَنَّهُ كَانَ هُوَ الْمَصْرُوعَ حَقِيقَةً ، وَبِاَللَّهِ الْمُسْتَعَانُ . 

وَعِلَاجُ هَذَا الصَّرَعِ بِاقْتِرَانِ الْعَقْلِ الصَّحِيحِ إِلَى الْإِيمَانِ بِمَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ ، وَأَنْ تَكُونَ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ نُصْبَ عَيْنَيهِ وَقِبْلَةَ قَلْبِهِ ، وَيَسْتَحْضِرَ أَهْلَ الدُّنْيَا وَحُلُولَ الْمَثُلَاتِ وَالْآفَاتِ بِهِمْ ، وَوُقُوعَهَا خِلَالَ دِيَارِهِمْ كَمَوَاقِعِ الْقَطْرِ ، وَهُمْ صَرْعَى لَا يُفِيقُونَ ، وَمَا أَشَدَّ دَاءَ هَذَا الصَّرَعِ وَلَكِنْ لَمَّا عَمَّتِ الْبَلِيَّةُ بِهِ بِحَيْثُ لَا يُرَى إِلَّا مَصْرُوعًا ، لَمْ يَصِرْ مُسْتَغْرَبًا وَلَا مُسْتَنْكَرًا بَلْ صَارَ لِكَثْرَةِ الْمَصْرُوعِينَ عَيْنَ الْمُسْتَنْكَرِ الْمُسْتَغْرَبِ خِلَافَهُ. 

فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا أَفَاقَ مِنْ هَذِهِ الصَّرْعَةِ ، وَنَظَرَ إِلَى أَبْنَاءِ الدُّنْيَا مَصْرُوعِينَ حَوْلَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا عَلَى اخْتِلَافِ طَبَقَاتِهِمْ فَمِنْهُمْ مَنْ أَطْبَقَ بِهِ الْجُنُونُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُفِيقُ أَحْيَانًا قَلِيلَةً وَيَعُودُ إِلَى جُنُونِهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُفِيقُ مَرَّةً وَيُجَنُّ أُخْرَى فَإِذَا أَفَاقَ عَمِلَ عَمَلَ أَهْلِ الْإِفَاقَةِ وَالْعَقْلِ ، ثُمَّ يُعَاوِدُهُ الصَّرَعُ فَيَقَعُ فِي التَّخَبُّطِ . " اهـ
 
 
 
نعوذ بالله من الغفلة
هذا و صل اللهم على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم 
Commenter cet article